کد مطلب:239423 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:137

و أما الرشید
« الذی حصد شجرة النبوة، و اقتلع غرس الامامة »، علی حد تعبیر الخوارزمی..



[ صفحه 92]



و الذی « لم یكن یخاف الله، و أفعاله بأعیان آل علی (ع)، و هم أولاد بنت نبیه، لغیر جرم، تدل علی عدم خوفه من الله تعالی» [1] .

و الذی كان علی حد تعبیر أحمد شلبی : « یكره الشیعة و یقتلهم» [2] .

و الذی بلغ من كرهه لهم: أن الشعراء كانوا یتقربون الیه بهجاء آل علی علیه السلام، كما یظهر بأدنی مراجعة للتاریخ ..

أما الرشید هذا ..

فقد أقسم علی استئصالهم، و كل من یتشیع لهم، فقال : « .. حتام أصبر علی آل بنی أبی طالب، و الله لأقتلنهم، و لأقتلن شیعتهم . و لأفعلن و أفعلن» [3] .

و عندما تولی الخلافة أمر باخراج الطالبیین جمیعا من بغداد، الی المدینة [4] ، كرها لهم و مقتا ..

« و كان شدید الوطأة علی العلویین یتتبع خطواتهم، و یقتلهم» [5] .

و أمر عامله علی المدینة بأن یضمن العلویون بعضهم بعضا» [6] .

و كان : « یقتل أولاد فاطمة و شیعتهم» [7] .



[ صفحه 93]



و كان « مغری بالمسألة عن آل أبی طالب، و عمن له ذكر و نباهة منهم [8] .

و عندما أرسل الجلودی لحرب محمد بن جعفر بن محمد، أمره أن یغیر علی دوز ال أبی طالب فی المدینة، و یسلب ماعلی نسائهم من ثیاب، و حلی، و لا یدع علی واحدة منهن الا ثوبا واحدا [9] .

و عندما حضرته الوفاة كان یقول : « .. واسوأتاه من رسول الله [10] .

و هدم قبر الحسین، و حرث أرض كربلاء، و قطع السدرة التی كان یستظل بها الزائرون لتلك البعقة المباركة، و ذلك علی ید عامله علی الكوفة، موسی بن عیسی بن موسی العباسی [11] .

ثم توج موبقاتهكلها، و فظائعه تلك، بقتل سید العلویین، و قائدهم، الامام موسی بن جعفر، صلوات الله و سلامه علیه ..



[ صفحه 94]



و لقد خاطبه العقاد مشیرا الی نبشه لقبر الحسین علی السلام، فقال : «.. و كأنهم خافوا علی قبرك أن ینبشه أشیاع علی، رضی الله عنه، فدفنوك فی قبر الامام العلوی، لتأمن فیه النبش و المهانة بعد الممات ..

فمن عجب أن یلوذ أبنناء علی بملكك الطویل العریض، فیضیق بهم، و أن یبحث أتباعك عن ملاذ یحتمی به جثمان صاحب الملك الطویل العریض بعد مماته، فیجدوه فی قبر واحد من أولئك الحائرین اللائذین بأكناف البلدان، من غیر قرار، و لا اطمینان [12] .

یشیر بذلك الی قبر علی بن موسی الرضا علیهماالسلام ؛ حیث ان الرشید مدفون الی جانبه كأنه یرید أن یقول : ان دفن المأمون للرضا علیه السلام الی جانب أبیه الرشید كان لأجل الحفاظ علی قبر أبیه من النبش.

و لكن من العلوم : ان العلویین و شیعتهم ما كانوا لیقدموا علی امر كهذا، مهما بلغ بهم الحقدوا الغضب بسبب اضطهاد الحكام لهم .. ؛ یقول محمد بن حبیب الضبی، رحمه الله مشیرا الی ذلك :



قبر ان فی طوس الهدی فی واحد

و الغی فی لحد ثراه ضرام



قرب الغوی من الزكی مضاعف

لغذابه، و لأنفه الارغام



و یقول دعبل رحمه الله :



قبر فی طوس خیر الناس كلهم

و قبر شرهم هذا من العبر



ما ینفع الرجس من قرب الزكی و ما

علی الزكی بقرب الرجس من ضرر



و لقد بلغ من ظلم الرشید للعلویین أن جعل الناس یعتقودن فیه بغض علی علیه السلام، حتی اضطر الی أن یقف موقف الدفاع عن نفسه،



[ صفحه 95]



و یقسم علی أنه یحبه، قال اسحاق الهاشمی : « كنا عند الرشید، فقال : بلغنی أن العامة یظنون فی بعض علی بن أبی طالب . و الله، ما أحب أحدا حبی له، و لكن هؤلاء ( یعنی العلویین ) أشد الناس الخ .. » [13] .

ثم یلقی التبعة فی ذلك علیهم، و یقول : انهم الی بنی أمیة أمیل منهم الی بنی العباس الخ كلامه ..

بل لقد رأیناه یعلن أمام أعاظم العلماء عن توبته مما كان منه من أمر الطالبین و نسلهم [14] .

و ذلك أمر طبیعی بعد أن كان یتتبع خطواتهم و یقتلهم « و بعد أن كانت سجون العباسیین، و خصوصا المنصور و الرشید، قد امتلأت من العلویین، و كل من یتشیع لهم » علی حد تعبیر أحمد أمین [15] .

و أخیرا .. فقد بلغ من ظلهم الرشید للعلویین أن توهم البعض أن المأمون انما بایع للرضا بولایة العهد ؛ من أجل أن یمحوا ما كان من أمر الرشید فی آل علی علیه السلام، كما عن البیهقی، عن الصولی [16] .


[1] الفخري في الآداب السلطانية ص 20.

[2] التاريخ الاسلامي و الحضارة الاسلامية ج 3، ص 352.

[3] الأغاني، طبع دار الكتب بالقاهرة ج 5 ص 225.

[4] الكامل لابن الأثير ج 5 ص 85، و الطبري ج 10 ص 606، و غير ذلك.

[5] العقد الفريد ج 1 ص 142.

[6] الولاة و القضاة للكندي ص 198، و ليراجع : تاريخ كربلاء، لعبدالجواد الكليدار ص 196.

[7] العقد الفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 2 ص 180.

[8] مقاتل الطالبين ص 493، و بعد ذلك قال : « فسأل يوما الفضل بن يحيي - بعد أن عاد من خراسان - : هل سمتعت ذكرا لأحد منهم ؟ قال : لا والله، و لقد جهدت فما ذكر في أحد منهم، الا أني سمعت رجلا الخ ».

[9] أعيان الشيعة، طبعة ثالثة، ج 4 قسم 2 ص 108، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 161، و البحار ج 49 ص 166.

[10] الكامل لابن الأثير ج 5 ص 130، و يلاحظ هنا : أن الانسان غالبا ما ينكشف علي حقيقته حين موته . و قول الرشيد هذا يكشف لنا الرشيد علي حقيقته، و يبين لنا مدي ما فعله الرشيد مع ذرية رسول الله صلي الله عليه و سلم.

[11] تاريخ الشيعة ص 89، و أمالي الشيخ، طبع النجف ص 330، و الكني و الالقاب ج 1 ص 27 و شرح ميمية أبي فراس ص 209، و المناقب لأبن شهر آشوب ج 2 ص 19، و تاريخ كربلاة، لعبد الجواد الكليدار ص 198 ،197، نقلا عن نزهة أهل الحرمين ص 16، و البحار ج 10 ص 297، و تظلم الزهراء ص 218، و مجالي اللطف ص 39، و أعيان الشيعة ج 4 ص 304، و تسلية المجالس، لمحمد بن أبي طالب، و غير ذلك.

[12] راجع، تاريخ كربلاء، لعبد الجواد الكليدار ص 199، نقلا عن : مجلة « الهلال »، عدد اكتوبر سنة 1947 م . ص 25، من مقال بعنوان : « حديث مع هارون الرشيد » للاستاذ العقاد.

[13] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 293.

[14] شرح ميمية أبي فراس ص 127.

[15] راجع، ضحي الاسلام ج 3 ص 297 ، 296.

[16] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 147، و البحار ج 49 ص 132، و غير ذلك.